فصل: (الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي اخْتِلَافِ الْوَاهِبِ وَالْمَوْهُوبِ لَهُ وَالشَّهَادَةِ فِي ذَلِكَ):

عَبْدٌ فِي يَدَيْ رَجُلٍ جَاءَ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ وَهَبَهُ مِنْهُ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَجَحَدَ صَاحِبُ الْيَدِ ذَلِكَ فَجَاءَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ شَهِدَتْ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْهِبَةِ وَالْقَبْضِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- أَوَّلًا يَقُولُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ: تُقْبَلُ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ الرَّهْنُ وَالصَّدَقَةُ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ بِلَا خِلَافٍ بِأَنْ شَهِدَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ بِالْقَبْضِ جَازَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ كَانَ الْوَاهِبُ أَقَرَّ بِذَلِكَ عِنْدَ الْقَاضِي وَالْعَبْدُ فِي يَدِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ، هَكَذَا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ هَهُنَا، وَلَمْ يُذْكَرْ لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلٌ أَوَّلُ وَآخِرٌ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، قَالَ مَشَايِخُنَا رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى-: مَا ذُكِرَ هَهُنَا أَصَحُّ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا اسْتَوْدَعَ الرَّجُلُ رَجُلًا وَدِيعَةً ثُمَّ وَهَبَهَا لَهُ ثُمَّ جَحَدَهَا فَشَهِدَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِالْقَبْضِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ جَحَدَ الْوَاهِبُ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهِ يَوْمَئِذٍ وَقَدْ شَهِدَتْ الشُّهُودُ عَلَى الْهِبَةِ وَلَمْ يَشْهَدُوا عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَبْضِ وَلَا عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ، وَالْهِبَةُ فِي يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ يَوْمَ يُخَاصِمُ إلَى الْقَاضِي فَذَلِكَ جَائِزٌ إذَا كَانَ الْوَاهِبُ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا فَشَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ مَتَاعًا ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا كُنْتُ اسْتَوْدَعْتُكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَتَاعِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِذَا حَلَفَ أَخَذَ الْمَتَاعَ فَإِنْ وَجَدَهُ هَالِكًا فَإِنْ كَانَ هَلَكَ بَعْدَمَا ادَّعَى الْمُسْتَوْدِعُ الْهِبَةَ فَالْمُسْتَوْدَعَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْهَلَاكُ قَبْلَ دَعْوَى الْهِبَةِ فَلَا ضَمَانَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ اشْتَرَاهُ مِنْ الْوَاهِبِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَالْقَبْضِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدُوا عَلَى الشِّرَاءِ قَبْلَ الْهِبَةِ وَإِنَّمَا شَهِدُوا عَلَى الشِّرَاءِ لَا غَيْرُ فَهُوَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ أَرَّخَ شُهُودُ الشِّرَاءِ شَهْرًا أَوْ سَنَةً، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَأَقَامَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَهَبَهُ لَهُ وَقَبَضَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ قَبْلَ الْهِبَةِ وَقَبَضَهُ مِنْهُ فَالْعَبْدُ لِصَاحِبِ الشِّرَاءِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
فِي الْمُنْتَقَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اتَّفَقَ الْوَاهِبُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْوَاهِبُ: الْعِوَضُ أَلْفٌ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: خَمْسُمِائَةٍ وَالْعِوَضُ لَمْ يُقْبَضْ بَعْدُ وَالْمَوْهُوبُ قَائِمٌ مَقَامَهُ بِعَيْنِهِ فَلِلْوَاهِبِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ قَبَضَ خَمْسَمِائَةٍ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ فِي الْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي أَصْلِ الْعِوَضِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ لِلْوَاهِبِ مَا شَرَطْتُ لَكَ الْعِوَضَ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لِلْوَاهِبِ الرُّجُوعُ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَكِنْ يَحْلِفُ الْمَوْهُوبُ لَهُ هَهُنَا عَلَى دَعْوَى الْوَاهِبِ بِاَللَّهِ مَا شَرَطَا لِوَاهِبِ الْعِوَضِ يُرِيدُ بِهِ إذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ مُسْتَهْلَكًا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ فِي يَدَيْهِ دَارٌ قَالَ لِرَجُلٍ آخَرَ: تَصَدَّقْتَ بِهَا عَلَيَّ وَأَذِنْتَ لِي فِي قَبْضِهَا فَقَبَضْتُهَا، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدِّقِ، وَلَوْ قَالَ الَّذِي فِي يَدِهِ الدَّارُ: كَانَتْ فِي يَدِي فَتَصَدَّقْتَ عَلَيَّ فَجَازَتْ، وَقَالَ الْمُتَصَدِّقُ: لَا بَلْ كَانَتْ حِينَئِذٍ فِي يَدِي وَقَبَضْتَهَا بِغَيْرِ إذْنِي، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ادَّعَى عَبْدًا فِي يَدِ غَيْرِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ كَانَ وَهَبَهُ لِلَّذِي فِي يَدَيْهِ وَكَانَ الْعَبْدُ غَائِبًا عَنْهُمَا فَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهُ لِي وَقَبَضْتُهُ بِإِذْنِكَ، كَانَ الْقَوْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: حِينَ وَهَبْتَهُ لِي كَانَ فِي مَنْزِلِكَ لَا بِحَضْرَتِنَا فَأَمَرْتَنِي بِقَبْضِهِ فَقَبَضْتُهُ، لَا يُصَدَّقُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى إذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ وَادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهَا هَلَكَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَإِنْ عَيَّنَ الْوَاهِبُ شَيْئًا، وَقَالَ: هَذَا هُوَ الْهِبَةُ، حَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ: وَهَبَتْ مَهْرَهَا فِي صِحَّتِهَا، وَقَالَتْ الْوَرَثَةُ بَلْ فِي مَرَضِهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
اخْتَلَفَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْوَارِثُ مَعَ وَارِثٍ آخَرَ أَنَّ الْهِبَةَ كَانَتْ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَاتِ الْمَرِيضِ نَافِذَةٌ وَإِنَّمَا تُنْتَقَضُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَالْقَوْلُ لِمَنْ يُنْكِرُ النَّقْضَ، وَقِيلَ الْقَوْلُ لِمَنْ ادَّعَى الْمَرَضَ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ لُزُومَ الْعَقْدِ وَالْمِلْكِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي بَابِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي الْهِبَةِ.
رَجُلٌ اشْتَرَى حُلِيًّا وَدَفَعَ إلَى امْرَأَتِهِ وَاسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ مَاتَتْ وَاخْتَلَفَ الزَّوْجُ وَوَرَثَتُهَا أَنَّهَا هِبَةٌ أَوْ عَارِيَّةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ مَعَ الْيَمِينِ أَنَّهُ دَفَعَ إلَيْهَا عَارِيَّةً؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلْهِبَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَلَوْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: وَهَبَ لَكَ وَالِدِي هَذِهِ الْعَيْنَ فَلَمْ تَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ، وَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: قَبَضْتُهَا فِي حَيَاتِهِ، وَالْعَيْنُ فِي يَدِ الَّذِي يَدَّعِي الْهِبَةَ فَالْقَوْلُ لِلْوَارِثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا أَرَادَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَنَا أَخُوكَ أَوْ قَالَ: عَوَّضْتُكَ وَإِنَّمَا تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَيَّ وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً، فَقَالَ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَغِيرَةٌ فَكَبِرَتْ عِنْدِي وَازْدَادَتْ خَيْرًا، وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَاهِبِ، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمَوْهُوبِ لَهُ كَذَلِكَ فِي الْمُحِيطِ.
وَكَذَا هَذَا فِي كُلِّ زِيَادَةٍ مُتَوَلَّدَةٍ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَوْ ادَّعَى الْمَوْهُوبُ لَهُ أَنَّهُ سَمِنَ عِنْدِي وَكَذَّبَهُ الْوَاهِبُ فَالْقَوْلُ لِلْوَاهِبِ عِنْدَنَا، كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ أَرْضًا وَفِيهَا بِنَاءٌ أَوْ شَجَرٌ أَوْ سَوِيقًا وَهُوَ مَلْتُوتٌ أَوْ ثَوْبًا وَهُوَ مَصْبُوغٌ أَوْ مَخِيطٌ، فَقَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: وَهَبْتَهَا لِي وَهِيَ صَحْرَاءُ فَبَنَيْتُ فِيهَا وَغَرَسْتُ، وَقَالَ: وَهَبْتَهُ لِي وَهُوَ غَيْرُ مَلْتُوتٍ وَغَيْرُ مَخِيطٍ وَغَيْرُ مَصْبُوغٍ فَلَتَتُّهُ أَنَا وَصَبَغْتُهُ وَخِطْتُهُ أَنَا، وَقَالَ الْوَاهِبُ: لَا بَلْ وَهَبْتُ كَذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الدَّارِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي رَجُلٍ وُهِبَ جَارِيَةً مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ وَأَوْلَدَهَا ثُمَّ أَقَامَ الْوَاهِبُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا، قَالَ: يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ عُقْرَهَا وَقِيمَةَ أَوْلَادِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ الْوَاهِبُ وَأَقَامَتْ الْأَمَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ قَدْ كَانَ دَبَّرَهَا قَبْلَ أَنْ يَهَبَهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَانَ الْجَوَابُ كَمَا قُلْنَا، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ اسْتَوْلَدَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَأَقَامَتْ الْجَارِيَةُ بَيِّنَةً أَنَّ الْوَاهِبَ كَانَ دَبَّرَهَا أَخَذَهَا الْوَاهِبُ وَعُقْرَهَا وَقِيمَةَ وَلَدِهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ بِالْقِيمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدَ إنْسَانٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى وَسَلَّمَ ثُمَّ ادَّعَى مَوْلَاهُ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَقَضَى الْقَاضِي لَهُ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى هِبَةَ الْعَبْدِ ذَكَرَ الْخَصَّافُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا تَجُوزُ إجَازَتُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ قَضَاءَ الْقَاضِي لِلْمُسْتَحِقِّ يَكُونُ فَسْخًا لِلْعُقُودِ الْمَاضِيَةِ أَمَّا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لَا يَكُونُ فَسْخًا، كَذَا ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِذَا لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ بِالِاسْتِحْقَاقِ لَا تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ فَتَصِحُّ إجَازَةُ الْمُسْتَحِقِّ، وَالْفَتْوَى فِي الْبَيْعِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، قَالَ لِآخَرَ: كُنْتَ وَهَبْتَ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَمَا سَكَتَ: لَمْ أَقْبِضْهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِزَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فِي الْهِبَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
امْرَأَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ، وَقَالَتْ: أَنَا مُدْرِكَةٌ، ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ ذَلِكَ: لَمْ أَكُنْ مُدْرِكَةً، وَكَذَّبَتْ نَفْسَهَا: إنْ كَانَ قَدُّهَا قَدَّ الْمُدْرِكَاتِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ كَانَ بِهَا عَلَامَةُ الْمُدْرِكَاتِ لَا تُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُدْرِكَةً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
فِي الْبَقَّالِيِّ، وَيَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَ لِلْعَبْدِ بِغَيْبَةِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ، وَيُصَدَّقُ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَأْذُونٌ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْعَبْدِ عَلَى أَنَّهُ مَحْجُورٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ عَلَى إقْرَارِ الْوَاهِبِ وَيَحْلِفُ الْوَاهِبُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْعِلْمِ وَلَوْ غَابَ الْعَبْدُ وَالْهِبَةُ فِي يَدِهِ فَلَا خُصُومَةَ مَعَ الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَهُوَ الْخَصْمُ إذَا صَدَّقَهُ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ: وَهَبْتُ لَكَ هَذَا الْعَبْدَ أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلْ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْعَاشِرُ فِي هِبَةِ الْمَرِيضِ):

قَالَ فِي الْأَصْلِ: وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمَرِيضِ وَلَا صَدَقَتُهُ إلَّا مَقْبُوضَةً فَإِذَا قُبِضَتْ جَازَتْ مِنْ الثُّلُثِ وَإِذَا مَاتَ الْوَاهِبُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ بَطَلَتْ، يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ هِبَةَ الْمَرِيضِ هِبَةٌ عَقْدًا وَلَيْسَتْ بِوَصِيَّةٍ وَاعْتِبَارُهَا مِنْ الثُّلُثِ مَا كَانَتْ؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ مَعْنًى؛ لِأَنَّ حَقَّ الْوَرَثَةِ يَتَعَلَّقُ بِمَالِ الْمَرِيضِ وَقَدْ تَبَرَّعَ بِالْهِبَةِ فَيَلْزَمُ تَبَرُّعُهُ بِقَدْرِ مَا جَعَلَ الشَّرْعُ لَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ، وَإِذَا كَانَ هَذَا التَّصَرُّفُ هِبَةً عَقْدًا شُرِطَ لَهُ سَائِرُ شَرَائِطِ الْهِبَةِ وَمِنْ جُمْلَةِ شَرَائِطِهَا قَبْضُ الْمَوْهُوبِ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ دَارًا فَقَبَضَهَا ثُمَّ مَاتَ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا جَازَتْ الْهِبَةُ فِي ثُلُثِهَا وَرَدَّ الثُّلُثَيْنِ إلَى الْوَرَثَةِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ مَا يُقَسَّمُ وَمَا لَا يُقَسَّمُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ تُرَدُّ الْهِبَةُ وَيَجِبُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الْعُقْرُ هُوَ الْمُخْتَارُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَرُوِيَ إذَا وَطِئَ الْوَاهِبُ الْمَرِيضُ الْأَمَةَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ وَعَلَيْهِ الْعُقْرُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَهُ ثُلُثُ الْأَمَةِ وَثُلُثُ الْوَلَدِ وَبَاقِيهَا لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَلَوْ قَطَعَ الْوَاهِبُ يَدَهَا فَفِي وُجُوبِ الْأَرْشِ رِوَايَتَانِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ جَارِيَةً فَكَاتَبَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا فَعَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ثُلُثَا قِيمَتِهَا لِلْوَرَثَةِ وَلَا تُرَدُّ الْكِتَابَةُ فَإِنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِثُلُثَيْ قِيمَتِهَا ثُمَّ عَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ عَلَيْهَا سَبِيلٌ، وَإِنْ عَجَزَتْ قَبْلَ الْقَضَاءِ أَخَذُوا ثُلُثَيْهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَرِيضِ فَالْجَوَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَا لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي بِثُلُثَيْهَا لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ قَضَى لِلْوَرَثَةِ بِثُلُثَيْهَا ثُمَّ أَعْتَقَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَهُوَ كَأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَعْتَقَ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ تُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ بَيْنَ التَّضْمِينِ وَالْإِعْتَاقِ وَالِاسْتِسْعَاءِ إنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرًا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، هَلْ لِلْوَرَثَةِ تَضْمِينُهُ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ تَضْمِينُهُ بِالْإِجْمَاعِ، هَكَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
فِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ عَبْدًا هُوَ جَمِيعُ مَالِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لَهُ عِوَضٌ قِيمَتُهُ مِثْلُ ثُلُثَيْ الْهِبَةِ أَوْ أَكْثَرُ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ فَالْمَوْهُوبُ لَهُ إنْ شَاءَ أَكْمَلَ الثُّلُثَيْنِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ جَمِيعَ الْهِبَةِ وَأَخَذَ عِوَضَهُ، وَكَذَا إذَا عَوَّضَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
مَرِيضٌ وَهَبَ لِآخَرَ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ، ثُمَّ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَتَلَ الْوَاهِبَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْعَبْدَ إلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ وَقِيمَتُهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْوَاهِبَ، يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِعَشْرَةِ آلَافٍ، وَإِنْ اخْتَارَ الدَّفْعَ دَفَعَهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى يَتَخَلَّصُ عَنْ عُهْدَةِ الْجِنَايَةِ بِدَفْعِ الْجَانِي يَدْفَعُ نِصْفَهُ إلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ رَدِّ الْهِبَةِ وَنِصْفَهُ عَلَى وَجْهِ الدَّفْعِ بِالْجِنَايَةِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ فَبَاعَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ صَحَّ تَصَرُّفُهُ وَضَمِنَ ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَتِهِ، هَكَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدَهُ لِرَجُلٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِقِيمَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ فَأَعْتَقَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ جَازَ، وَلَوْ أَعْتَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ لِمَرِيضٍ عَبْدًا وَسَلَّمَهُ إلَيْهِ فَأَعْتَقَهُ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا مَالٌ غَيْرُهُ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَسْعَى فِي ثُلُثَيْ قِيمَتِهِ لِوَرَثَةِ الْوَاهِبِ وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ ثُلُثِ الْبَاقِي لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ دَيْنٌ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ يَضْرِبُ فِيهَا غُرَمَاءُ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِدَيْنِهِمْ وَوَرَثَةُ الْوَاهِبِ بِثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ، هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ دَارًا قِيمَتُهَا ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَقَابَضَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ فَإِنْ مَاتَ وَأَبَى الْوَرَثَةُ الْإِجَازَةَ خُيِّرَ الشَّفِيعُ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ أَيْ رَدَّ الشَّفِيعُ ثُلُثَ الدَّارِ أَوْ كُلَّ الدَّارِ وَأَخَذَ عَبْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْعِوَضُ مَشْرُوطًا لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ، كَذَا فِي الْكَافِي.
مَرِيضٌ وَهَبَ عَبْدًا قِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ لِرَجُلٍ صَحِيحٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ عَبْدًا قِيمَتُهُ مِائَةٌ وَتَقَابَضَا ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُ الْعَبْدِ وَأَبَى الْوَرَثَةُ أَنْ يُجِيزُوا مَا صَنَعَ الْوَاهِبُ، كَانَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ نَقَضَ الْهِبَةَ وَرَدَّ الْمَوْهُوبَ كُلَّهُ وَأَخَذَ عِوَضَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَ الْعَبْدِ الْمَوْهُوبِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَسَلَّمَ ثُلُثَاهُ لَهُ وَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ الْعِوَضِ شَيْئًا، وَإِنْ قَالَ الْمَوْهُوبُ لَهُ: أَزِيدُ فِي الْعِوَضِ بِقَدْرِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْمُحَابَاةِ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
إذَا وَهَبَ الْمَرِيضُ شَيْئًا لَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ يَرُدُّ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ خِيَارٍ وَفِي الْبَيْعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي، كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَلَوْ وَهَبَ الْمَرِيضُ كُرَّ تَمْرٍ قِيمَتُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ الصَّحِيحُ كُرَّ تَمْرٍ يُسَاوِي مِائَةً وَتَقَابَضَا وَمَاتَ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ رَدَّ كُرَّ الْهِبَةِ وَأَخَذَ كُرَّ نَفْسِهِ أَوْ رَدَّ نِصْفَ الْكُرِّ وَأَخَذَ نِصْفَ كُرِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعِوَضَ إنْ شَاءَ رَدَّ الْهِبَةَ وَأَخَذَ الْعِوَضَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ثُلُثَيْهَا وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْكَافِي.
مَرِيضٌ لَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَهَبَهُ لِرَجُلٍ وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ الْعَبْدَ قَتَلَ الْمَرِيضَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ: ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ، فَإِنْ اخْتَارَ الْفِدَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ وَسَلَّمَ لَهُ الْعَبْدَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ بَدَلُ نَفْسِ الْوَاهِبِ بِمَنْزِلَةِ مَالٍ خَلَفَهُ فَتَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ مَالَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَقِيمَةَ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافٍ فَهُوَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِهِ فَلِهَذَا تَنْفُذُ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهِ، وَإِذَا ظَهَرَ نُفُوذُ الْهِبَةِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ ظَهَرَ أَنَّ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ الدِّيَةَ كَامِلَةٌ لِلْوَرَثَةِ بِاخْتِيَارِهِ، فَإِنْ كَانَ يُسَاوِي سِتَّةَ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاخْتَارَ الْفِدَاءَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ عَلَى وَرَثَةِ الْوَاهِبِ رُبُعَهُ وَيَفْدِي مَا بَقِيَ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْعُيُونِ هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ وَهَبَ عَبْدًا فِي مَرَضِهِ لِرَجُلٍ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ أَلْفُ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ رَجَعَ إلَى الْوَرَثَةِ ثُلُثُ الْمَمْلُوكِ وَبَطَلَ الدَّيْنُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ رَجَعَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: يَعُودُ ثُلُثَا الدَّيْنِ فَإِنْ وَهَبَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ غُلَامًا لِابْنِهِ عَلَى هَذَا الْغُلَامِ دَيْنٌ، قَالَ: فَإِنْ صَحَّ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ مَاتَ فَصَارَ لِلْوَرَثَةِ، عَادَ دَيْنُهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا رَجَعَ الْوَاهِبُ فِي هِبَتِهِ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مَرِيضٌ وَقَدْ كَانَتْ الْهِبَةُ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ كَانَ بِقَضَاءِ قَاضٍ فَالرُّجُوعُ فِيهِ صَحِيحٌ وَلَا سَبِيلَ لِغُرَمَاءِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَوَرَثَتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى الْوَاهِبِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَيْرِ قَضَاءِ قَاضٍ كَانَ رَدُّ الْمَرِيضِ لَهُ حِينَ طَلَبَ الْوَاهِبُ الرُّجُوعَ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ هِبَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ الْمَرِيضِ فَيَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ أَبْطَلْتَ ذَلِكَ الرُّجُوعَ وَرَدَدْتَ الْهِبَةَ إلَى تَرِكَةِ الْمَيِّتِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ جَارِيَتَهُ لِمَرِيضٍ فَرَدَّهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ عَلَى الْوَاهِبِ بِهِبَةٍ مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَنْ يَرْجِعُوا فِي شَيْءٍ مِمَّا وَهَبَ فَقَدْ اعْتَبَرَ الرُّجُوعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَسْخًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَأَنَّهُ يُوَافِقُ رِوَايَةَ أَبِي حَفْصٍ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
مَرِيضٌ وَهَبَ غُلَامًا لِامْرَأَتِهِ فَقَبَضَتْهُ وَأَعْتَقَتْهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَرِيضُ فَالْعِتْقُ نَافِذٌ وَتَضْمَنُ الْقِيمَةَ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مَرِيضَةٌ وَهَبَتْ صَدَاقَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَإِنْ بَرَأَتْ مِنْ مَرَضِهَا صَحَّ، وَإِنْ مَاتَتْ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ فَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً غَيْرَ مَرَضِ الْمَوْتِ فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ كَانَتْ مَرِيضَةً مَرَضَ الْمَوْتِ لَا يَصِحُّ إلَّا بِإِجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَتَكَلَّمُوا فِي حَدِّ مَرَضِ الْمَوْتِ وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْغَالِبُ مِنْهُ الْمَوْتَ كَانَ مَرَضَ الْمَوْتِ، سَوَاءٌ كَانَتْ صَاحِبَةَ فِرَاشٍ أَوْ لَمْ تَكُنْ، كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
قَالَ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ أَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا وَهُوَ أَحَبُّ وَبِهِ نَأْخُذُ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
مَرِيضَةٌ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا ثُمَّ مَاتَتْ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ كَانَتْ عِنْدَ الْهِبَةِ تَقُومُ لِحَاجَتِهَا وَتَرْجِعُ مِنْ غَيْرِ مُعِينٍ عَلَى الْقِيَامِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَةِ تَصِحُّ هِبَتُهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَالْمُقْعَدُ وَالْمَفْلُوجُ وَالْأَشَلُّ وَالْمَسْلُولُ إنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ وَلَمْ يَخَفْ مِنْهُ الْمَوْتَ فَهِبَتُهُ مِنْ كُلِّ الْمَالِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ فِي كِتَابِ الْوَصَايَا.
وَالْمَرْأَةُ إذَا أَخَذَهَا الطَّلْقُ فَمَا فَعَلَتْهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ سَلَّمَتْ جَازَ مَا فَعَلَتْهُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ النَّيِّرَةِ.
وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ مَهْرَهَا مِنْ الزَّوْجِ فِي حَالَةِ الطَّلْقِ وَمَاتَتْ فِي النِّفَاسِ لَمْ يَصِحَّ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ زَوْجِهَا فِي مَرَضِ مَوْتِهَا وَمَاتَ زَوْجُهَا قَبْلَهَا فَلَا دَعْوَى لَهَا عَلَيْهِ لِصِحَّةِ الْإِبْرَاءِ مَا لَمْ تَمُتْ فَإِذَا مَاتَتْ مِنْهُ فَلِوَرَثَتِهَا دَعْوَى مَهْرِهَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
مَرِيضٌ مَرَضَ الْمَوْتِ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا وَبَاعَ مِنْهَا مَنْزِلًا وَوَهَبَ لَهَا ثَمَنَهُ وَأَوْصَى لَهَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ مَاتَ وَهِيَ فِي الْعِدَّةِ فَالْوَصِيَّةُ وَهِبَةُ الثَّمَنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ أَجَازَ الْبَيْعَ بَاطِلَانِ فَإِنْ أَجَازَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ فَهَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إنْ قَالُوا أَجَزْنَا مَا أَمَرَ بِهِ الْمَيِّتُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَبَطَلَتْ الْهِبَةُ، وَإِنْ قَالُوا أَجَزْنَا مَا فَعَلَ الْمَيِّتُ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ وَالْهِبَةُ جَمِيعًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِذَا وَهَبَ الْمَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فِي صِحَّتِهِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا لَوْ وَهَبَ الْمَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ لَا يَصِحُّ وَلَا تَنْقَلِبُ وَصِيَّةً أَمَّا إذَا أَوْصَى لَهَا بَعْدَ الْمَوْتِ تَصِحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

.(الْبَابُ الْحَادِيَ عَشَرَ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

فِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا وَقَبَضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ اخْتَلَسَهُ مِنْهُ الْوَاهِبُ وَاسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ.
وَلَوْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَاةً وَقَبَضَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ ثُمَّ ذَبَحَهَا الْوَاهِبُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَوْ وَهَبَ لَهُ ثَوْبًا ثُمَّ قَطَعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ فَفِي الشَّاةِ يَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الشَّاةَ الْمَذْبُوحَةَ وَلَا يَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ شَيْئًا وَفِي الثَّوْبِ يَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ لَهُ الثَّوْبَ وَيَغْرَمُ الْوَاهِبُ لَهُ مَا بَيْنَ الْقَطْعِ وَالصِّحَّةِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي فَتَاوَى آهُو رَجُلٌ لَهُ عَلَى آخَرَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا مِائَةٌ حَالَّةٌ وَخَمْسُونَ مُؤَجَّلَةٌ فَوَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ لِلْمَدْيُونِ خَمْسِينَ، فَذَلِكَ الْمَوْهُوبُ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَالِّ أَمْ إلَى الْمُؤَجَّلِ؟ أَفْتَى الْإِمَامُ الْأَجَلُّ بُرْهَانُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِي بَدِيعُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
الْمَرِيضَةُ إذَا قَالَتْ لَيْسَ لِي عَلَى زَوْجِي صَدَاقٌ لَا يَبْرَأُ عِنْدَنَا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَسُئِلَ عَلِيٌّ السُّغْدِيُّ عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: هَبِي لِي جَمِيعَ أَمْلَاكِكَ، فَقَالَتْ: وَهَبْتُ، هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَهْرُ أَمْ لَا؟، فَقَالَ: لَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ جَهَّزَ بِنْتَه بِمَالِهِ وَوَجَّهَ الِابْنَةَ مَعَ الْجِهَازِ إلَى زَوْجِهَا فَمَاتَتْ الِابْنَةُ فَادَّعَى الْأَبُ أَنَّهُ كَانَ عَارِيَّةً وَزَوْجُهَا يَدَّعِي الْمِلْكَ اخْتَلَفُوا فِيهِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ وَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْأَبِ وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ وَالْمُمَلِّكُ، قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْجَوَابُ عَلَى التَّفْصِيلِ إنْ كَانَ الْأَبُ مِنْ الْكِرَامِ وَالْأَشْرَافِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْأَبِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَأْنَفُ عَنْ الْإِعَارَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْسَاطِ النَّاسِ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الدَّافِعُ وَلَيْسَ بِمُكَذَّبٍ فِيمَا قَالَ مِنْ حَيْثُ الظَّاهِرُ، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
أَعْطَى لِزَوْجَتِهِ دَنَانِيرَ لِتَتَّخِذَ بِهَا ثِيَابًا وَتَلْبَسَهَا عِنْدَهُ فَدَفَعَتْهَا إلَى مُعَامِلِهِ فَهِيَ لَهَا كَانَتْ تَدْفَعُ لِزَوْجِهَا وَرِقًا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى النَّفَقَةِ أَوْ شَيْئًا آخَرَ وَهُوَ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
امْرَأَةٌ قَالَتْ لَمْ يَكُنْ لِي عَلَى زَوْجِي شَيْءٌ هُوَ إبْرَاءٌ عَنْ الْمَهْرِ وَلَوْ جَعَلَتْ زَوْجَهَا فِي حِلٍّ يَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
قَالَ لَهَا وَهِيَ لَا تَعْلَمُ الْعَرَبِيَّةَ: قُولِي وَهَبْتُ مَهْرِي مِنْكَ، فَقَالَتْ: وَهَبْتُ، لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، وَلِهَذَا لَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْهِبَةِ فَوَهَبَ لَا تَصِحُّ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
وَلَوْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ شَيْئًا لِزَوْجِهَا وَادَّعَتْ أَنَّهُ اسْتَكْرَهَهَا فِي الْهِبَةِ تُسْمَعُ دَعْوَاهَا، كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا ثُمَّ لَهَا أَنْ تُعِيدَ الْمَهْرَ عَلَى الزَّوْجِ فَتَصَالَحَ عَنْ الْمَهْرِ عَلَى اللُّؤْلُؤَةِ أَوْ عَلَى الثَّوْبِ وَلَا تَرَاهُ فَتُبْرِئُ الزَّوْجَ ثُمَّ رَأَتْ ذَلِكَ الشَّيْءَ فَرَدَّتْهُ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ عَادَ الْمَهْرُ عَلَى الزَّوْجِ وَلَوْ مَاتَتْ لَزِمَ الْعَقْدُ وَبَطَلَ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَإِذَا أَرَادَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ تَهَبَ مَهْرَهَا لِزَوْجِهَا إنْ مَاتَتْ، وَإِنْ لَمْ تَمُتْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ يَنْبَغِي أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْ زَوْجِهَا ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ بِمَهْرِهَا إنْ مَاتَتْ بَطَلَ الْخِيَارُ، وَإِنْ عَاشَتْ تَرُدُّ الثَّوْبَ بِخِيَارِ الرُّؤْيَةِ، كَذَا فِي حَسَبِ الْمُفْتَى.
هِبَةُ الْمَهْرِ مِنْ الزَّوْجِ الْمَيِّتِ تَصِحُّ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَالْبِنْتُ لَوْ وَهَبَتْ مَهْرَهَا مِنْ أَبِيهَا إنْ أَمَرَتْهُ بِالْقَبْضِ صَحَّ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
قَالَ فِي الْأَصْلِ: الْوَكِيلُ فِي بَابِ الْهِبَةِ فِي مَعْنَى الرَّسُولِ حَتَّى يَجْعَلَ الْعَاقِدَ هُوَ الْمُوَكِّلُ دُونَ الْوَكِيلِ، وَفِي الْبَقَّالِيِّ التَّوْكِيلُ بِالْهِبَةِ تَوْكِيلٌ بِالتَّسْلِيمِ، وَلِلْوَكِيلِ بِالتَّسْلِيمِ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَفِي الْفَتَاوَى الْعَتَّابِيَّةِ وَلَوْ وَكَّلَ الْوَاهِبُ رَجُلًا بِالتَّسْلِيمِ وَوَكَّلَ الْمَوْهُوبُ لَهُ رَجُلًا بِالْقَبْضِ وَغَابَا صَحَّ التَّسْلِيمُ مِنْ الْوَكِيلِ فَإِنْ امْتَنَعَ وَكِيلُ الْوَاهِبِ خَاصَمَهُ وَكِيلُ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَيَنْفَرِدُ أَحَدُ وَكِيلَيْ التَّسْلِيمِ بِهِ بِخِلَافِ وَكِيلَيْ الْقَبْضِ لَا يَنْفَرِدُ أَحَدُهُمَا، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي فَصْلِ فِيمَا يَجُوزُ مِنْ الْهِبَةِ وَمَا لَا يَجُوزُ.
وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى مُعْتَدَّةِ الْغَيْرِ عَلَى طَمَعٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا فَأَبَتْ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فَإِنْ شَرَطَ فِي الْإِنْفَاقِ التَّزَوُّجَ يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَ وَإِلَّا فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يَرْجِعَ، كَذَا قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَالَ الْأُسْتَاذُ قَاضِي خَانْ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا أَوْ لَمْ تُزَوِّجْ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ وَلَوْ أَكَلَتْ مَعَهُ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَسُئِلَ أَبُو الْقَاسِمِ عَمَّنْ أَمَرَ شَرِيكَهُ بِأَنْ يَدْفَعَ مَالَهُ إلَى وَلَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ وَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا بِذَلِكَ وَامْتَنَعَ الشَّرِيكُ عَنْ الْأَدَاءِ، هَلْ لِلِابْنِ الْخُصُومَةُ مَعَهُ؟ قَالَ: هَذَا شَيْءٌ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ وَلَا يَجِبُ لَهُ إلَّا بِالْقَبْضِ فَلَيْسَ لِلِابْنِ خُصُومَةٌ فِي ذَلِكَ، قَالَ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْهِبَةِ فَلِلِابْنِ أَنْ يُخَاصِمَ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِالْمَالِ وَبِالْوَكَالَةِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
أَمِيرٌ وَهَبَ جَارِيَةً لِرَجُلٍ فَأَخْبَرَتْهُ الْجَارِيَةُ أَنَّهَا كَانَتْ لِتَاجِرٍ قُتِلَ فِي عِيرٍ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَتَدَاوَلَتْهَا الْأَيْدِي وَالْمَوْهُوبُ لَهُ لَا يَجِدُ وَرَثَةَ الْمَقْتُولِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ خَلَّاهَا ضَاعَتْ وَلَوْ أَمْسَكَهَا رُبَّمَا يَقَعُ فِي فِتْنَةٍ فَلَهُ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهَا لِلْغَائِبِ مِنْ ذِي الْيَدِ حَتَّى إذَا ظَهَرَ الْمَالِكُ كَانَ لَهُ عَلَى ذِي الْيَدِ الثَّمَنُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
وَفِي فَتَاوَى أَبِي الْفَضْلِ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ وَهَبَ لِرَجُلٍ أَرْضًا كَانَتْ فِي يَدِ أَبِيهِ مُدَّةً وَبَعْدَ أَبِيهِ كَانَتْ فِي يَدِهِ فَجَاءَ مُدَّعٍ يُخَاصِمُهُ، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى: خُصُومَتُهُ مَعَ الْمَوْهُوبِ لَهُ دُونَ الْوَاهِبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: إنْ أَرَادَ أَخْذَ الْأَرْضِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ الْقِيمَةِ حَيْثُ اسْتَهْلَكَهَا بِهِبَةٍ كَانَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْوَاهِبَ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ دُفِعَ إلَيْهِ سُحْتٌ لِإِصْلَاحِ الْمُهِمِّ فَأَصْلَحَ ثُمَّ نَدِمَ يَرُدُّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ.
الْمُتَعَاشِقَانِ يَدْفَعُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَشْيَاءَ فَهِيَ رِشْوَةٌ لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ فِيهَا وَلِلدَّافِعِ اسْتِرْدَادُهَا.
خَطَبَ امْرَأَةً فِي بَيْتِ أَخِيهَا فَأَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا حَتَّى يَدْفَعَ إلَيْهِ دَرَاهِمَ فَدَفَعَ وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ؛ لِأَنَّهَا رِشْوَةٌ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
إذَا دَفَعَ الرِّشْوَةَ لِدَفْعِ الْجَوْرِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَمْ يَأْثَمْ.
إذَا أَجَازَ مَلِكُ دَارِ الْحَرْبِ لِرَسُولٍ مَلِكِ دَارِ الْإِسْلَامِ جَارِيَةً فَهِيَ لَهُ وَلَوْ أَهْدَى مَلِكُ الْعَدُوِّ إلَى أَمِيرِ الْعَسْكَرِ فَهِيَ لِجَمِيعِ الْعَسْكَرِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَسُئِلَ ابْنُ مُقَاتِلٍ عَمَّا يُهْدِي أَبُو الصَّبِيِّ إلَى الْمُعَلِّمِ أَوْ إلَى الْمُؤَدِّبِ فِي النَّيْرُوزِ أَوْ فِي الْمِهْرَجَانِ أَوْ فِي الْعِيدِ، قَالَ: إذَا لَمْ يَسْأَلْ وَلَمْ يُلِحَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
وَسُئِلَ الْحَلْوَانِيُّ عَمَّنْ عَلَّقَ كُوزَهُ أَوْ وَضَعَهُ فِي سَطْحِهِ فَأَمْطَرَ السَّحَابُ وَامْتَلَأَ الْكُوزُ مِنْ الْمَطَرِ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْكُوزَ مَعَ الْمَاءِ، هَلْ لِصَاحِبِ الْكُوزِ أَنْ يَسْتَرِدَّ الْكُوزَ مَعَ الْمَاءِ؟، فَقَالَ: نَعَمْ، قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: وَجَوَابُهُ فِي الْكُوزِ مِمَّا لَا إشْكَالَ فِيهِ فَأَمَّا فِي الْمَاءِ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إنْ كَانَ أَعَدَّهُ لِذَلِكَ حِينَئِذٍ يَسْتَرِدُّهُ، وَإِنْ لَمْ يُعِدَّهُ لِذَلِكَ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَقَبُولُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ عَلَى اللَّقِيطِ إلَى الْمُلْتَقِطِ وَقَبْضُهُ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، كَذَا فِي الْمُلْتَقَطِ.
لَقِيطٌ فِي يَدِ مُلْتَقِطٍ نَقَلَهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِهَذَا الصَّغِيرِ أَحَدٌ سِوَاهُ جَازَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقْبِضَ مَا وَهَبَ مِنْ الصَّغِيرِ، وَإِنْ كَانَ الصَّغِيرُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَقْبِضَ بِنَفْسِهِ، وَلِهَذَا الْأَجْنَبِيِّ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِتَعْلِيمِ الْأَعْمَالِ وَلَيْسَ لِأَجْنَبِيٍّ آخَرَ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ السَّرَخْسِيُّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، كَذَا فِي الصُّغْرَى.
وَسُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- عَنْ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَمَّامَ وَقَدْ دَفَعَ إلَى صَاحِبِ الْحَمَّامِ الْأُجْرَةَ فَاغْتَرَفَ مِنْ الْإِنَاءِ مَاءً بِإِنَاءٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ صَاحِبُ الْحَمَّامِ كَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي بَلَدِنَا، هَلْ يَصِيرُ ذَلِكَ الْمَاءُ مِلْكًا لِلْمُغْتَرِفِ أَمْ يَكُونُ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْحَمَّامِ وَيَكُونُ مِنْهُ إبَاحَةً لِلدَّاخِلِينَ، فَقَالَ: صَارَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ مَا صَارَتْ مِلْكًا لَهُ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
دَفَعَ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ عَيْنًا لِإِرَادَةِ الزِّنَا فَإِنْ قَالَ: دَفَعْتُ إلَيْكِ لِأَزْنِيَ بِكِ فَلَهُ الطَّلَبُ، وَإِنْ وَهَبَهَا إرَادَةَ الزِّنَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فَلَهُ الِاسْتِرْدَادُ وَإِلَّا فَلَا، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
وَفِي فَوَائِدِ شَمْسِ الْإِسْلَامِ إذَا خَوَّفَ امْرَأَتَهُ بِالضَّرْبِ حَتَّى وَهَبَتْ مَهْرَهَا لَا تَصِحُّ إنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الضَّرْبِ، كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ.
وَسُئِلَ وَالِدِي عَمَّنْ خَاصَمَ زَوْجَتَهُ وَآذَاهَا بِالضَّرْبِ وَالشَّتْمِ حَتَّى وَهَبَتْ الصَّدَاقَ مِنْهُ وَلَمْ يُعَوِّضْهَا، هَلْ لَهَا حَقُّ الرُّجُوعِ، فَقَالَ: هَذِهِ الْبَرَاءَةُ بَاطِلَةٌ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
فِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ سُئِلَ نَجْمُ الدِّينِ عَنْ امْرَأَةٍ أَعْطَتْ زَوْجَهَا مَالًا بِسُؤَالِهِ لِيَتَوَسَّعَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فِي الْمَعِيشَةِ فَظَفِرَ بِالزَّوْجِ بَعْضُ غُرَمَاءِ الزَّوْجِ وَاسْتَوْلَى عَلَى ذَلِكَ الْمَالِ، هَلْ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ ذَلِكَ الْغَرِيمِ، قَالَ: إنْ كَانَتْ وَهَبَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ أَقْرَضَتْهُ مِنْهُ فَلَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْطَتْهُ لِيَتَصَرَّفَ فِيهِ عَلَى مِلْكِهَا فَلَهَا ذَلِكَ، كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هِبَةُ الْبِنَاءِ بِدُونِ الْأَرْضِ جَائِزَةٌ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَيَدْخُلُ فِي هِبَةِ الْأَرْضِ مَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهَا مِنْ الْأَبْنِيَةِ وَالْأَشْجَارِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، وَكَذَا فِي الصُّلْحِ عَلَى أَرْضٍ أَوْ عَنْهَا تَدْخُلُ وَلَا يَدْخُلُ الزَّرْعُ فِي الصُّلْحِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرٍ، قَالَ رُكْنُ الْإِسْلَامِ الصَّبَّاغِيُّ: الزَّرْعُ يَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ وَالْإِقْرَارِ وَالْفَيْءِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ، وَلَا تَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ وَالْقِسْمَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ وَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَفِي الْقَضَاءِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَلَا يَدْخُلُ الثِّمَارُ وَالْأَوْرَاقُ الْمُتَقَوِّمَةُ فِي هِبَةِ الْأَشْجَارِ بِغَيْرِ ذِكْرٍ فَإِذَا لَمْ يُذْكَرْ وَفِيهَا ثَمَرٌ وَوَرَقٌ فَسَدَتْ الْهِبَةُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ، كَذَا فِي الْقُنْيَةِ.
فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ وَالِدِي عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِآخَرَ: ادْفَعْ لِي إصْطَبْلَكَ حَتَّى تَكُونَ فِيهِ دَابَّتِي فَدَفَعَهُ لَهُ لِمَنْ يَكُونُ السِّرْقِينُ، قَالَ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ قَالَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَهَكَذَا أَجَابَ بِهِ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ السُّغْدِيُّ وَسُئِلَ عَلَى مَرَّةٍ أُخْرَى، فَقَالَ: هُوَ لِمَنْ أَلْقَى الْحَشِيشَ، سَوَاءٌ كَانَ غَاصِبًا لِلْإِصْطَبْلِ أَوْ مُسْتَعِيرًا أَوْ غَاصِبًا لِلدَّابَّةِ أَوْ مُسْتَعِيرًا لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ جَعَلَ لِذَلِكَ مَوْضِعًا مَعْرُوفًا أَوْ قَالَ صَاحِبُ الْإِصْطَبْلِ لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ: ادْفَعْ لِي دَابَّتَكَ حَتَّى تَبِيتَ فِي إصْطَبْلِي فَحِينَئِذٍ يَكُونُ لِصَاحِبِ الْإِصْطَبْلِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي فَتَاوَى النَّسَفِيِّ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ بَيْنَ يَدَيْ الشُّهُودِ: غَفَرَ اللَّهُ لَكِ حَيْثُ وَهَبْتِ لِي الْمَهْرَ الَّذِي لَكِ عَلَيَّ، فَقَالَتْ (آرى بخشيدم)، فَقَالَ الشُّهُودُ: هَلْ نَشْهَدُ عَلَى هِبَتِكَ؟ فَقَالَتْ (هزارتن كَوَاهُ باشيد)، فَقَالَ: يُعْرَفُ الرَّدُّ وَالتَّصْدِيقُ فِي أَثْنَاءِ كَلَامِهَا فَيُحْمَلُ عَلَى مَا تَرَوْنَ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا وَهَبَ ابْنَتَهُ مِنْ رَجُلٍ كَانَ نِكَاحًا وَلَوْ وَهَبَ امْرَأَتَهُ مِنْ نَفْسِهَا كَانَ طَلَاقًا وَلَوْ وَهَبَ عَبْدَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَانَ عِتْقًا، كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى.
وَفِي جَامِعِ الْفَتَاوَى عَبْدٌ مَدْيُونٌ وَهَبَ فَأَرَادَ الْغُرَمَاءُ نَقْضَ الْهِبَةِ فَلِلْغُرَمَاءِ ذَلِكَ فَلَوْ فَدَى الْوَاهِبُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ النَّقْضِ تَمْضِي الْهِبَةُ، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ وَبَيْعُ الْمَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ وَلَوْ أَجَازُوا الْهِبَةَ بَطَلَ حَقُّهُمْ إلَّا أَنْ يُعْتِقَ الْعَبْدَ وَلَوْ أَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ ثُمَّ مَاتَ لَيْسَ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْوَصِيَّةِ بَلْ يُبَاعُ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ وَلَوْ فَضَلَ الثَّمَنُ عَنْ الدَّيْنِ فَالْفَضْلُ لِلْمُوصَى لَهُ وَفِي الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ لَا يَكُونُ الْفَضْلُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَسُئِلَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ هِبَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ مِنْ مَالٍ دَفَعَهُ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ كَسْبِهِ، قَالَ: إنْ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَ مَوْلَاهُ كُرِهَ ذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا بَأْسَ بِهِ، كَذَا فِي الْحَاوِي لِلْفَتَاوَى.
قَالَ لِمُكَاتَبِهِ: وَهَبْتُ مِنْكَ بَدَلَ الْكِتَابَةِ، فَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ، عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَالْمَالُ دَيْنٌ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الْوَجِيزِ لِلْكَرْدَرِيِّ.
أَقَرَّ أَنَّهُ وَهَبَ مِنْ فُلَانٍ دَارًا كَانَ هَذَا إقْرَارًا صَحِيحًا فِي الْغِيَاثِيَّةِ، الْإِقْرَارُ بِالْهِبَةِ لَا يَكُونُ إقْرَارًا بِالْقَبْضِ هُوَ الْأَصَحُّ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ.
وَفِي الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ خَلَفٌ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ نَخْلَةً وَهِيَ قَائِمَةٌ لَا يَكُونُ قَابِضَهَا حَتَّى يَقْطَعَهَا وَيُسَلِّمَهَا إلَيْهِ وَفِي الشِّرَاءِ إذَا خَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صَارَ قَابِضًا لَهَا، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ، وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي حُكْمِ الْهِبَةِ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُمْ الْتَزَمُوا أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى الْمُعَامَلَاتِ إلَّا أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْخَمْرِ عَنْ الْهِبَةِ فِيمَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ، سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلِمُ هُوَ الْمُعَوِّضُ لِلْخَمْرِ أَوْ الذِّمِّيُّ وَإِنْ صَارَتْ الْخَمْرُ خَلًّا فِي يَدِ الْقَابِضِ لَمْ تَصِرْ عِوَضًا وَيَرُدُّهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَتَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فِيمَا بَيْنَ الذِّمِّيَّيْنِ كَمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءُ الْمُبَايَعَةِ وَلَا يَجُوزُ بِالْمَيْتَةِ وَالدَّمِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَهَبَ الْمُرْتَدُّ لِلنَّصْرَانِيِّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ لَهُ عَلَى أَنْ يُعَوِّضَهُ خَمْرًا فَذَلِكَ بَاطِلٌ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
مُسْلِمٌ وَهَبَ لِمُرْتَدٍّ هِبَةً فَعَوَّضَهُ مِنْهَا الْمُرْتَدُّ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ جَازَتْ الْهِبَةُ وَلَمْ يَجُزْ تَعْوِيضُهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى تَعْوِيضُهُ صَحِيحٌ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ إلَّا أَنَّ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَكُونُ مِنْ جَمِيعِ مَالِهِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ثُلُثِهِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ تَصَرُّفَاتِ الْمُرْتَدِّ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ فَإِنْ كَانَ الْمُرْتَدُّ هُوَ الْوَاهِبُ وَقَدْ عَوَّضَهُ الْمَوْهُوبُ لَهُ مِنْ هِبَتِهِ ثُمَّ قُتِلَ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يَرُدُّ هِبَتَهُ إلَى وَرَثَتِهِ وَيَرُدُّ عِوَضَهُ إلَى صَاحِبِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ اسْتَهْلَكَهُ كَانَ ذَلِكَ دَيْنًا فِي مَالِ الْمُرْتَدِّ، سَوَاءٌ كَانَ الْآخَرُ عَلِمَ بِارْتِدَادِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَإِذَا وَهَبَ الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ هِبَةً لِمُسْلِمٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ مُسْلِمٌ فَقَبَضَهَا ثُمَّ رَجَعَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ عَادَ مُسْتَأْمَنًا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَإِنْ سُبِيَ وَأُخِذَتْ الْهِبَةُ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ حَضَرَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ وَقَعَ الْحَرْبِيُّ فِي سَهْمِ رَجُلٍ فَأَعْتَقَهُ ثُمَّ وَصَلَتْ تِلْكَ الْهِبَةُ إلَيْهِ بِشِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَاهِبِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ الْحَرْبِيُّ هُوَ الْوَاهِبُ فَسُبِيَ وَوَقَعَ فِي سَهْمِ رَجُلٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَعْتَقَ لَا يَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
نَصْرَانِيٌّ وَهَبَ لِمُسْلِمٍ شَيْئًا فَعَوَّضَهُ خَمْرًا لَهُ الرُّجُوعُ فِي هِبَتِهِ، كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
(قَالَ) حَرْبِيٌّ وَهَبَ لِحَرْبِيٍّ هِبَةً ثُمَّ أَسْلَمَ أَهْلُ الدَّارِ أَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا وَخَرَجَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ فَإِنْ كَانَ عَوَّضَهُ مِنْ هِبَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عُمَرُ النَّسَفِيُّ عَمَّنْ أَمَرَ أَوْلَادَهُ أَنْ يَقْتَسِمُوا أَرْضَهُ الَّتِي فِي نَاحِيَةِ، كَذَا بَيْنَهُمْ وَأَرَادَ بِهِ التَّمْلِيكَ فَاقْتَسَمُوهَا وَتَرَاضَوْا عَلَى ذَلِكَ، هَلْ يَثْبُتُ لَهُمْ الْمِلْكُ أَوْ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ الْأَبُ: مَلَّكْتُكُمْ هَذِهِ الْأَرَاضِيَ أَوْ يَقُولَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: مَلَّكْتُك هَذَا النَّصِيبَ الْمُفْرَزَ، فَقَالَ: لَا وَسُئِلَ عَنْهَا الْحَسَنُ، فَقَالَ: لَا يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُمْ بِالْقِسْمَةِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي الْهِبَةِ مِنْ الصَّغِيرِ.
سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ بَاعَتْ كِرْبَاسًا مِنْ زَوْجِهَا وَأَحَالَتْ بِالثَّمَنِ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ بِطَرِيقِ الْإِنْعَامِ وَالصِّلَةِ فَمَاتَ الِابْنُ فَلِمَنْ يَكُونُ الثَّمَنُ؟ أَجَابَ يَكُونُ كُلُّهُ لِلْمَرْأَةِ وَلَا يَكُونُ مِيرَاثًا، كَذَا فِي فَتَاوَى أَبِي الْفَتْحِ مُحَمَّدِ بْنِ مَحْمُودِ بْنِ الْحُسَيْنِ الأستروشني.
رَجُلٌ وَابْنُهُ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَهُمَا مِنْ الْمَاءِ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا مَنْ أَحَقُّ بِالْمَاءِ مِنْهُمَا قَالَ الِابْنُ أَحَقُّ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَوْ كَانَ أَحَقَّ لَكَانَ عَلَى الِابْنِ أَنْ يَسْقِيَ أَبَاهُ، وَإِنْ سَقَى أَبَاهُ مَاتَ هُوَ مِنْ الْعَطَشِ فَيَكُونُ هَذَا مِنْهُ إعَانَةً عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ، وَإِنْ شَرِبَ هُوَ لَمْ يُعِنْ الْأَبَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ فَصَارَ هَذَا كَرَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا قَتَلَ نَفْسَهُ وَالْآخَرُ قَتَلَ غَيْرَهُ فَقَاتِلُ نَفْسِهِ أَعْظَمُ إثْمًا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِي يَدِهِ تِلْكَ الْحَدِيدَةِ يَجَأُ بِهَا بَطْنَ نَفْسِهِ} وَالْوَجْءُ الضَّرْبُ بِالسِّكِّينِ وَأَصْلُهُ يَوْجَأُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
قَالَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَمَّا سَأَلْتُهُ عَمَّنْ كَتَبَ قِصَّتَهُ إلَى السُّلْطَانِ وَسَأَلَ مِنْهُ تَمْلِيكَ أَرْضٍ مَحْدُودَةٍ فَأَمَرَ السُّلْطَانُ بِالتَّوْقِيعِ فَكَتَبَ كَاتِبُ السُّلْطَانِ عَلَى ظَهْرِ الْقِصَّةِ إنِّي جَعَلْتُ الْأَرْضَ مِلْكًا لَهُ، هَلْ تَصِيرُ مِلْكًا لَهُ أَمْ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ مِنْ السُّلْطَانِ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ فَإِنَّهُ تَمْلِيكٌ يَحْتَاجُ إلَى الْقَبُولِ فِي الْمَجْلِسِ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ لَكِنْ لَمَّا تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ أُقِيمَ السُّؤَالُ بِالْقِصَّةِ مَقَامَ حُضُورِهِ وَقَبُولِهِ فَإِذَا أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَأَخَذَ مِنْهُ التَّوْقِيعَ يَتَمَلَّكُ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْفَتَاوَى.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ: إذَا قَسَّمَ الْإِمَامُ الْغَنَائِمَ فِي أَرْضِ الْحَرْبِ بَيْنَ الْغَانِمِينَ أَوْ بَاعَهَا مِنْ قَوْمٍ مِنْ التُّجَّارِ دَخَلُوا مَعَهُ فَلَحِقَهُمْ الْعَدُوُّ وَعَجَزُوا عَنْ إخْرَاجِهَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَرَادَ الْمُشْتَرُونَ وَاَلَّذِينَ وَقَعَ ذَلِكَ فِي سِهَامِهِمْ أَنْ يُلْقُوا بِالْمَتَاعِ لِيُحَرِّقُوهُ فَرَمَوْا بِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُمْ فَقَالُوا: مَنْ أَخَذَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ فَأَخَذَ ذَلِكَ أَقْوَامٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَارَ ذَلِكَ لَهُمْ حِينَ أَخَذُوهُ وَأَخْرَجُوهُ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لَمْ يُخْرِجُوهُ عَلَّلَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، فَقَالَ؛ لِأَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْهِبَةِ مِنْهُمْ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّيْدِ حَدِيثًا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ جُلَسَائِهِ وَبَيْنَ الْمُهْدَى إلَيْهِ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: إذَا كَانَتْ الْهَدِيَّةُ لَا تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ كَالثَّوْبِ أَوْ مِمَّا لَا يُؤْكَلُ فِي الْحَالِ كَاللَّحْمِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَجْعَلْ لِأَصْحَابِهِ مِنْهُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ الْهَدِيَّةُ تَحْتَمِلُ الْقِسْمَةَ وَهُوَ مُهَيَّأٌ لِلْأَكْلِ لِلْحَالِ يَجْعَلُ لِأَصْحَابِهِ مِنْ ذَلِكَ حَظًّا وَيُمْسِكُ الْبَقِيَّةَ لِأَهْلِهِ، كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
رَجُلٌ مَاتَ فَبَعَثَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ الْمَيِّتِ بِثَوْبٍ لِيُكَفِّنَهُ فِيهِ، هَلْ يَمْلِكُهُ الِابْنُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ أَنْ يُكَفِّنَهُ فِي غَيْرِهِ وَيُمْسِكُهُ لِنَفْسِهِ؟ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مِمَّنْ يُتَبَرَّكُ بِتَكْفِينِهِ لِفِقْهٍ أَوْ وَرَعٍ فَإِنَّ الِابْنَ لَا يَمْلِكُهُ وَلَوْ كَفَّنَهُ فِي غَيْرِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ جَازَ لِلِابْنِ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى حَيْثُ أَحَبَّ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِطِفْلِهِ دَارًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حُدُودَهَا وَحُقُوقَهَا وَكَانَتْ الدَّارُ وَدِيعَةً عِنْدَ آخَرَ وَقْتَ الْهِبَةِ وَالْمُودَعِ سَاكِنُهَا مَلَكَ الصَّغِيرُ بِالْعَقْدِ وَالصَّدَقَةُ فِي هَذَا مِثْلُ الْهِبَةِ، كَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.